الاثنين

المسيحيون الحلقة الاضعف في سوريا.


"ربط الألسن" خشية على الأهل من الانتقام
شهادات لسوريين مسيحيين عن مصابهم ونزوحهم
المسيحيون الحلقة الاضعف في سوريا.


كان يفترض ان يكون اللقاء التضامني مع "الاخوة النازحين السوريين المسيحيين" الذي دعت اليه "الرابطة السريانية" للاستماع الى معاناة الشعب السوري وما يتحمله من فصول عذاب. لكن عقدة الخوف والرعب على حد سواء من النظام البعثي او من المعارضة الاصولية والسلفية فعلت فعلها في "ربط الالسن"، بدليل تلك المرأة التي تقول ان زوجها وابنها قتلا رمياً بالرصاص امامها وعلى يد مسلحي جبهة النصرة، لكنها رغم ذلك رفضت الادلاء بشهادتها خوفاً على من تبقى من عائلتها في سوريا.

دعت "الرابطة السريانية" كل وسائل الاعلام ومؤسسات الاغاثة والسفارات العاملة في لبنان، ولكن لم يحضر سوى القليل القليل من الاعلام ومندوب واحد عن السفارة الاميركية فضل الخروج فور انتهاء رئيس الرابطة حبيب افرام من القاء كلمته، وهو بذلك اراد ان يوفر على نفسه عناء الاستماع الى صرخات الاستهجان والاستنكار التي اطلقها النازحون السوريون ضد السياسة الاميركية، متهمين اياها بغض النظر عن مقتلة الشعب السوري. اما ممثل وزير الشؤون الاجتماعية بشير عصمت فسمع كلاماً عن تجاهل وزارته النازحين المسيحيين وعدم الاهتمام بأمرهم. في حين جلس المستشار في السفارة الايرانية محمد حسن جاويد مستمعاً طيلة الوقت دون ان ينبس بكلمة، اضافة الى ممثلي احزاب وتيارات مسيحية لبنانية منهم فؤاد ابو ناضر الذي استمع بهدوء الى الشهادات. واللافت لدى النازحين ذلك الاصرار على انهم "عرب سوريون مسيحيون" و "ان الشعب السوري واحد" وما الى ذلك من شعارات لم تعد تجدي نفعاً في ردع ألة القتل لدى النظام.
                           
 تجهيل الفاعل
اخبار النازحين او من تجرأ على الكلام نتيجة عقدة الخوف المتأصلة على مدى عشرات السنين والتي يستكمل فصولها مسلحو فرع "القاعدة" اليوم، تتحدث عن نزوح عشرات الالاف من السوريين المسيحيين نتيجة الخوف والرعب وكل ذلك الكلام تحت عنوان "تجهيل الفاعل". يقولون مثلاً ان 25 الفاً من السريان غادروا القامشلي، في حين لا يزال هناك 100 الف يصرون على البقاء والصمود في ارض السريان التاريخية. في دير الزور يقولون ان بضعة آلاف نزحوا مخلفين عشرات الالاف من ابناء جلدتهم المسيحيين، وانهم هناك في دير الزور عند شمال شرق سوريا لا يميزون بين مسلم ومسيحي في المعاناة ونتائج الفوضى التي تسببت بها الحرب. اما في الحسكة فالاخبار لا تنتهي عن انصراف اهاليها، مسلمين ومسيحيين، الى مد يد العون للمهجرين والنازحين خلال اشهر طويلة لكن ذلك لم يجد نفعاً من اتهام قسم من المعارضة وتحديداً السلفيين لاخوانهم في المواطنية بأنهم كفرة. لما كانت الغلبة للسلاح والارهاب فلقد قرر البعض النزوح عن ارض الآباء والاجداد وقرر آخرون الصمود. ومن حلب ينبري احد المحامين النازحين الى اتهام المعارضة بقصف احياء المسيحيين بقذائف الهاون في شكل متعمد من اجل ترهيب سكان هذه الاحياء واجبارهم على النزوح، وعلى ذمة الراوي، فانه لم يبق في حلب سوى 100 مسيحي من 250 الفاً ، الامر الذي يصفه بعملية التهجير المتعمدة، متناسياً ان مئات الالاف من السوريين موالين ومعارضين ومن جميع الطوائف هجروا من منازلهم وقتلوا وتشردوا واصبحوا في الحالة عينها.  ويروون ايضاً عما تقوم به ميليشيات شبيحة النظام من عمليات خطف للمسيحيين الاثرياء بهدف ابتزازهم في اخبار لا تنتهي من هذا القبيل، واللبنانيون فيها خبراء.   

 رأس العين
واستهلت احدى الراهبات شهادتها متسائلة: "أننا جميعاً ابناء الله، مسلمين ومسيحيين فلماذا يتم التهجير والتطهير ولماذا يعّير السوريون بعضهم بالطائفية؟ اليس ذلك عاراً عليهم؟". وحملت بشدة على من قالت انه "حّول مناطق المسيحيين الى خطوط تماس"، وعلى تهجير 200 مسيحي من حمص وجوارها. وعرضت لما جرى في رأس العين وما كانت شاهدة عليه على ما قالت، الى جانب ممثلي منظمة العفو الدولية، واكدت ان مسلحي المعارضة من السلفيين اجتاحوا المدينة  الثالثة صباحاً وعبروا فور دخولهم   بطرد المسيحيين من منازلهم. وعلى ذمتها، ان مسلحي "النصرة" هددوا المسيحيين بالمغادرة خلال وقت قصير. واشارت الى ان الارمن السوريين يغادرون الى أرمينيا وشبهت ما يجري حالياً بالتهجير مطلع الحرب العالمية الاولى. وتوجهت الى الحضور بسؤال :"ما هو الجيش السوري الحر ؟ ومن هي المعارضة ؟ وما هو المطلوب ؟".
مندوب "كاريتاس – لبنان" قال ان منظمته ساعدت 10 الاف عائلة سورية، لكن النازحين قالوا "ان السوريين المسيحيين لم يتسلموا اي شيء منها، وان وزارة الشؤون الاجتماعية كذلك لا تكترث لمصير النازحين المسيحيين الموزعين على الاديرة والمدارس والجمعيات السريانية والذين يتلقون المساعدة من الكنائس المسيحية والاغتراب بكميات محدودة دون اي اهتمام من الكنائس في لبنان.
حبيب افرام قال ان ما يجري في سوريا بدأ عام 2003 في العراق ضد المسيحيين، وطالب وزارة الشؤون بعدم التقصير مع اللاجئين، وحذر من "المزورين الذين يستغلون حاجة النازحين الى جوازات سفر". وشكر المدعي العام التمييزي ومدير الامن العام على مساعدتهما في تسهيل حصول النازحين على الاقامة.

pierre.atallah@annahar.com.lb